الصحة في المعتقلات: لذالك يجب الاهتمام الآن بمعاملة الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية

Black silluete of a man behind prison bars on an orange background

أفادت التقارير أن الزيادة في عدد الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر أدت إلى الاكتظاظ والحرمان من العلاج الطبي بالإضافة الي تقييد مياه الشرب والطعام كما تم توثيق عمليات إعتقال تتسم بالعنف و الإهانة بحسب  تقارير المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام.

بقلم مها عون، مستشارة أولى للصحة العامة وماري براسهولت، المديرة الطبية، DIGNITY – المعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب

أصدرت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل، واللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل (PCATI) وغيرها من المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية نداءً إلى السلطات الإسرائيلية فيما يتعلق بالفلسطينيين المحتجزين في أعقاب ما أسموه “الزيادة الهائلة في انتهاكات حقوق الإنسان”.

في موازاة ذلك، أصدرت منظمة الضمير، وهي منظمة غير حكومية تعمل مع الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، تقريرًا حول التطورات منذ 7 أكتوبر، بالإضافة إلى نداء مشترك مع منظمات غير حكومية أخرى.

تعرض الوثائقتان الصادران من الجمعيات الإسرائلية و الفلسطينية عدد من الانتهاكات التي، إذا تم التحقق منها، يمكن أن ترقى إلى مستوى سوء المعاملة و/أو التعذيب.

الحرمان من النظافة الأساسية

وأفادت المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية والفلسطينية بأن الفلسطينيين المحتجزين يواجهون العقوبات والحرمان من العلاج الطبي. إن حرمان الأشخاص المحتجزين من العلاج الطبي يسبب معاناة لا داعي لها، وقد يؤدي إلى تفاقم حالتهم الصحية مما يزيد من تعقيد العلاج والإضرار بالصحة، فضلاً عن زيادة خطر انتقال العدوى إلى الآخرين في المعتقل.

كما أفادت المنظمات بعدم السماح للمحتجزين بالتوصل لخدمات النظافة مثل غسيل الملابس والمياه وتغيير الملابس مما يشكل خطراً صحياً على الأفراد وزملائهم في الزنزانات والأشخاص العاملين في مكان الاحتجاز و ذلك لزيادة فرصة الإصابة بالعدوى مثل الجرب والأمراض الجلدية الأخرى. الحرمان من النظافة الأساسية يعتبر أيضًا شكل من أشكال الإذلال.

وتفيد التقارير أن الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية يواجهون الآن قيودًا على مياه الشرب والطعام، الأمر الذي له عواقب طبية ونفسية مباشرة نعرضها هنا وهنا.

قد يؤدي الجفاف غير المعالج إلى خلل وظيفي في الأعضاء لا رجعة فيه. تعتمد أعراض نقص الغذائية على عدة عوامل كنوعية المغذيات الغائبة، ومدة نقص التغذية، وصحة الضحية، من بين عوامل أخرى. الحرمان من الطعام على المدى الطويل يمكن أن يؤثر على جميع أعضاء الجسم. قد تشعر الضحية بغن تقييد الغذاء والماء يمثل تهديد مباشر لحياة الشخص، و يشكل هذا التهديد نوع من المعاناة النفسية.

اكتظاظ

وتفيد التقارير أن الزيادة الهائلة في عدد الفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل أدت إلى اكتظاظ الزنازين التي يحتجز فيها الفلسطينيون في المعتقلات الإسرائيلية.

يرتبط اكتظاظ السجون بمجموعة من العواقب الصحية كما نوضح هنا، بما في ذلك زيادة خطر الإصابة بالأمراض المعدية، مثل السل وكوفيد-19. ويرتبط الاكتظاظ أيضًا بالعداء وزيادة العنف في السجون.

يبدأ احتجاز الشخص بالقبض عليه، ويجب أن يتم ذلك أيضًا مع احترام حقوق الإنسان وكرامة الشخص.

توثق تقارير المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام عمليات الاعتقال العنيفة والمهينة للفلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية، و التي قامت في بعض الحالات بتصوير الحادث بالفيديو. وتظهر التسجيلات العديد من الممارسات المثيرة للقلق: التعري القسري وضرب الأشخاص وهم معصوبي الأعين ومقيدين.

قد يكون العري القسري شكلاً من أشكال التعذيب الجنسي الناتج عنه الشعور بالإذلال وتأثيرات نفسية أخرى. ويزيد عري الضحية من خطر الإصابة نتيجة الضرب.

إن ضرب شخص معصوب العينين ومقيد اليدين يزيد من القلق والخوف ويمنع الضحية من القيام برد فعل دفاعي، مما قد يزيد من خطر الإصابة والألم.

تعصيب العينين هو شكل من أشكال الحرمان الحسي الذي له آثار جسدية ونفسية مثل التشوهات الإدراكية والقلق. كما تزيد التهديدات اللفظية بالاغتصاب والقتل وإيذاء أفراد الأسرة من تفاقم عواقب هذا الاعتقال العنيف.

قد تؤدي جميع المواقف الموصوفة على المدى الطويل إلى معاناة الناجي من عواقب صحة نفسية مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

وأخيراً، أبلغت المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية والفلسطينية عن وفاة أربعة رجال في الحجز بعد وقت قصير من اعتقالهم، وهم السيد عرفات حمدان (25 عاماً)، والسيد عمر دراغمة (58 عاماً)، والسيد ماجد أحمد زقول (23 عاماً)، وشخص رابع كان قد تم اعتقاله و لم يتم تسميته. ولم يتم بعد تسليم جثث المتوفين إلى ذويهم ولم يتم نشر تقارير التشريح.

سبب للتخوف

يُحرم المعتقلون في السجن من الكثير من متع وأساسيات الحياة، لكنهم ما زالوا يتمتعون بكافة حقوقهم الإنسانية.

تحدد قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد مانديلا) أبسط الشروط التي ينبغي توافرها أينما يُحتجز الأشخاص.

وينطبق ذلك على جميع المعتقلين سواء كانوا محكوم عليهم أم لا، سواء في زمن السلم أو الحرب.

يتم تناول صحة الأشخاص المحتجزين بشكل شامل في قواعد مانديلا من خلال مجموعة واسعة من المعايير بما في ذلك النظافة الشخصية، والملابس، والطعام، و العقاب، والعمل، وخدمات الرعاية الصحية، وما إلى ذلك.

وتحدد المبادئ الأساسية للأمم المتحدة لمعاملة السجناء الحق في الصحة، في حين أن إعلان الجمعية الطبية العالمية الصادر في طوكيو بشأن المبادئ التوجيهية للأطباء بشأن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة فيما يتعلق بالاحتجاز والسجن يكرر التزام الأطباء بـتوفير الرعاية للأشخاص في السجن.

يعمل المعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب على منع التعذيب والعنف وتوثيق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. إن التطورات الحالية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة مدعاة للقلق. ينبغي أن يتمتع جميع الأشخاص المحتجزين بإمكانية الوصول الكامل إلى الرعاية الطبية ومياه الشرب والغذاء وموارد النظافة. وينبغي أن تكون عمليات الاعتقال قانونية ومحترمة للاشخاص وغير عنيفة، كما ينبغي بذل كل جهد لتجنب الاكتظاظ في أماكن الاحتجاز.

Latest news